اكد مركز الاعلام الرقمي ان مسودة قانون جرائم المعلوماتية المقرر تشريعه في البرلمان العراقي بصيغته الحالية، بحاجة ماسة للمراجعة واعادة دراسة فقراته وصياغتها من خلال اشراك المختصين في المجال المتعلق بالقانون المذكور.
وشدد المركز، في بيان له نشره عبر منصاته الرقمية، على ان القانون المعروض امام البرلمان قد يتحول الى اداة استبدادية لقمع الحريات الشخصية والعامة، فضلا على نسفه في اكثر من مادة لقانون حماية الصحفيين العراقيين.
وتابع البيان ان محللي مركز الاعلام الرقمي يؤيدون الاجراءات السريعة والحازمة تجاه مرتكبي الجرائم الالكترونية، لكنهم يرفضون ان يتحول الامن الالكتروني الى اداة لقمع المواطنين وانتهاك خصوصيتهم، مشيرا الى ان القانون المقترح لم يتضمن اي خطوات حقيقية يمكن ان تسهم في احراز تقدم نحو شبكة انترنت وتكنولوجيا اكثر امانا للمواطن العراقي، عاداً ان مسودة القانون في كثير من بنودها قد تكون مكرسة لحماية مجموعة قليلة من صانعي القرار، وربما سيتحول القانون الى مجموعة مواد استبدادية لقمع اي رأي معارض.
واشار فريق التحليل في المركز الى افتقار مسودة القانون الى تعريفات واضحة بخصوص المصطلحات الواردة فيه، كما انه يفتقر لمواد ترغم الشركات على حماية خصوصية المستخدمين العراقيين على الانترنت.
واضاف بيان المركز : ان مسودة القانون تتضمن بعض المواد التي تنتهك الخصوصية، مثل حظره استخدام الـVPN وهو امر يعتبر اساسي في عمل الكثير من البرمجيات المتطورة، كما تحتوي مسودة القانون على مصطلحات فضفاضة ومطاطة وغير دقيقة، في حين ان مواد اخرى باتت غير منطقية ولا تتلاءم مع عصرنا الحالي، اذ تجعل احدى مواد مشروع القانون جميع المواطنين العراقيين عرضة للسجن لمدة سنة! فضلا على معاقبته الفتيات اللواتي استخدمن اسماءً مستعارة تماشياً مع المحددات المجتمعية واعتبرها جريمة تستحق العقاب.
ونبه محللو مركز الاعلام الرقمي الى ان مشروع القانون لم يعالج مشكلة الغش الالكتروني الذي تقوم به الكثير من الشركات التكنولوجية، مثل شركات الانترنت والتي تقوم بإيهام المستخدم بسرعة انترنت غير حقيقية، كما ان القانون لم يتضمن على نص صريح يرغم شركات الانترنت على حماية بيانات المواطنين العراقيين في حال تسربت بياناتهم بسبب اهمال هذه الشركات نتيجة استخدامهم لبرمجيات قديمة او جعل مسارات النقل غير آمنة وبالتالي لن يستطيع المواطن الحصول على تعويض عن تسريب بياناته ولا يمكن معاقبة الشركة المسؤولة عن التسريب.
كما نوه المركز الى ان القانون بصيغته الحالية سينسف في بعض مواده قانون حماية الصحفيين رقم 21 لسنة 2011، وسيعرض الصحفيين العاملين في المواقع الالكترونية للمحاكمة.
ولاحظ المركز ان المسودة الحالية، واضافة لما ذكر من الاشكالات عليها، لا يمكن ان تحد من الجرائم الالكترونية لضعف المواد القانونية، كما انه يُجرم بعض السلوكيات التي لايمكن اعتبارها جريمة مثل الاتصال بشبكة الانترنت غير المحمية بكلمة سر ، فضلا عن ان بعض المواد تتعارض مع الحريات التي اقرها الدستور العراقي .
وقال المركز في بيانه ان قوانين الجرائم الرقمية يجب ان يسبقها تشريعات تحمي خصوصيات المستخدم وتجبر الشركات العاملة في مجال الانترنت بحماية بيانات المواطنين والاهتمام بالبنى التحتية وتحسين خدمات الانترنت وتطوير المؤسسات الحكومية المختصة بالمجال الرقمي للحفاظ على خصوصيات المواطنين وحمايتها، اضافة الى حماية الدولة من الهجمات الالكترونية الداخلية والخارجية .
وفيما يلي بعض ملاحظات فريق مركز الاعلام الرقمي حول فقرات ومواد مسودة القانون :
– المادة 1-خامسا: هذه المادة لم تميز بين مزود الخدمة الذي يدخلها للعراق، وبين اصحاب ابراج الانترنت الذين ياخذون الخدمة من مصادر ثانوية، ومعظم مالكي الابراج لا تتوفر لديهم اي سيرفرات لخزن البيانات غير المشفرة، فضلا عن المشفر منها.
– المادة 1-سابعا: وهو نفس الاشكال المتعلق بالمادة 1-خامسا، ففي الغالب هناك سيرفرات مركزية تقوم بتكوين بيانات الاشتراك وربما النسبة الاكبر من مزودي خدمة الانترنت من اصحاب الابراج لا يعرفون مكان انشاء وتخزين هذه البيانات، فهي في العادة عبارة عن نقاط اعادة توزيع.
– المادة 2: هذه المادة تؤكد ان القانون يستهدف معاقبة الشخصيات المادية دون الافتراضية!، حيث يمكن تجريم صانع برنامج او تقنية معينة، في حين لا يوجد اي اجراء فعلي تطال هذه التقنيات او البرامج المستخدمة، او تجريم بيعها واستخدامها، وبالتالي يمكن اعادة استخدامها مرة اخرى في نفس الفعل المخالف.
– المادة 3- اولا/أ: لا توجد تعريفات واضحة للمصطلحات المستخدمة في هذه المادة مثل (استقلال البلاد)، (وحدتها)، فضلا عن بقية المصطلحات في هذه المادة، حيث ان هذه الضبابية يمكن ان تؤدي الى اساءة استخدام مثل هذه المواد القانونية، فمثلا يمكن ان يحاكم اي شخص نشر صورا عن استفتاء اقليم كردستان ! او اي شخص انتقد عبر وسائل التواصل الاجتماعي رئيس دولة معينة او سفير احدى الدول في العراق !!
– المادة 6-اولا، ثانيا، ثالثا: جميعها تحوي مصطلحات غير معرفة على وجه الدقة ويمكن ان تستخدم في اي وقت لابتزاز المواطنين، مثلا : نشر اخبار التظاهرات والاحتجاجات وقطع الطرق، فوفقا للمصطلحات المستخدمة في هذه المادة، جميعها مشمول بالعقوبة.
– المادة 6- ثالثا: ستلغي هذه المادة قانون حماية الصحفيين رقم 21 لسنة 2011، حيث سيكون جميع الصحفيين العاملين في المواقع والوكالات الاخبارية فضلا عن مواقع القنوات والاذاعات والصحف، تحت طائلة هذه المادة.
– المادة 7- اولا، وثانياً وثالثا: جميعها استخدمت مصطلحات ومفردات فضفاضة يمكن ان تكون اداة لمحاسبة ومحاكمة اي شخص يستخدم الانترنت.
– المادة 8- اولا/د: تقول المادة (اصطنع عمدا لنفسه او لغيره اية بيانات او وثائق او سجلات او قيود الكترونية غير حقيقة)، ستطال هذه المادة كل شخص لديه اكثر من حساب على منصة التواصل الاجتماعي، او الفتيات اللاتي يستخدمن اسماء غير حقيقية تماشيا مع المحددات المجتمعية… وستطال المادة القانونية اي بريد الكتروني بغير اسم الشخص الحقيقي!
– المادة 11- اولا-ب: تضمنت هذه المادة عبارة (ارسل او نقل اية رسالة او خبر او وثيقة الكترونية عبر اجهزة الحاسوب) ، فهذه المادة بما تحتويه من عبارات ومصطلحات مطاطة، يمكن ان تتسبب بسجن اي شخص مدة لا تزيد على سبع سنوات، مثلا ستطال العقوبة اي شخص يقوم باعادة ارسال وثيقة او صورة (غير حقيقية) عبر مجموعات الواتساب، كما انها ستتسبب ايضا بتجريم الصحفيين العاملين في المواقع والوكالات الاخبارية او المواقع الالكترونية للقنوات والاذاعات.
– المادة 14-اولا/أ: ايضا كسابقها من مواد، احتوت هذه المادة على مصطلحات غير محددة ولم تتضمن اي عبارة تشير للقصدية، وهذا الامر سيجعل الكثير من الناس تحت رحمة هذه المادة القانونية، فمثلا كل الموظفين المسؤولين عن اجهزة البصمة الالكترونية في المؤسسات سيكونون تحت طائلة هذه المادة ، وفي حال تلف البيانات لاي سبب كان سيكون الموظف مهدد بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة ملايين دينار، حتى لو كانت هذه الاجهزة والمعدات رديئة او سيئة المنشأ.
– المادة 14-ثالثا/ب، جـ، د، هـ: هذه المواد تنطبق على المئات من المبرمجين وغيرهم، فرغم احتوائها على عبارات فضفاضة مثل (تطفل) و (ازعج) و (انتفع)، ايضا تتضمن عقوبة على امور لا تعتبر جريمة، فمثلا الاتصال باي شبكة انترنت غير محمية بكلمة سر، ستكون جريمة يستحق فاعلها الحبس ثلاثة اشهر او غرامة لا تقل عن مليوني دينار !!
– المادة 15-اولا/أ، ب: في هذه المادة وردت امور يصعب تحقيقها، مثلا كيف سيعرف المستخدم نطاق التصريح المخول ؟ هل اشترطت الدولة على مزودي الخدمة الاعلان عن اتفاقية الاستخدام مثلما تشترط الكثير من الدول ؟ كما ان المادة لم تحدد طبيعة هذه البيانات التي يمكن الحصول على الكثير منها وتعتبر متاحة في كثير من البلدان وفقا لطبيعة البروتوكلات المستخدمة؟ هل ستعاقب الدولة شركات الانترنت التي تنصب اجهزة كاش لحفظ البيانات ومن ثم جعل استخدامها محلي؟
– المادة 18-اولا/ب: هذه المادة فيها تعد على الحرية الشخصية وسيكون كل شخص ملزم بالكشف عن جميع حساباته على شبكات التواصل الاجتماعي !او ستكون عقوبته الحبس او غرامة لا تقل عن خمس ملايين دينار!
– المادة 20-اولا/ب: يتسائل فريق المركز عن الضرر المترتب على استخدام بطاقة الكترونية لا تحوي اي رصيد مالي ؟ ففي كل الاحوال لن تتم عملية البيع او التعاقد !! هل يستحق هذا الامر الحبس او غرامة مالية لا تقل عن مليوني دينار !
– المادة 21-اولا/أ: المادة لم تتضمن اي اشارة لعمدية الفعل ، فعلى الرغم من اهمية حماية المصنفات الفكرية والابحاث العلمية، ولكن كيف يتسنى للمواطن معرفة ان هذه المواد خاضعة للحماية !! فلو قام اي طالب او استاذ جامعي باعادة بنشر بحث علمي حصل عليه عبر الانترنت، فانه سيكون مهدد بالسجن مدة لا تقل عن عامين وغرامة مالية لا تقل عن عشرة ملايين !
– المادة 21-ثانيا: هذه المادة ستجعل جميع محلات بيع اقراص البرامجيات، او من يقوم بنشرها عرضة للغرامة، وهذه البرامجيات تشمل انظمة وندوز باصداراتها المختلفة وبرامج مايكروسوفت والبرامج الاخرى الشائعة الاستخدام في العراق!
– المادة 21-ثالثا: احتوت المادة الكثير من العبارات والمصطلحات الفضفاضة مثل (القيم الدينية) او (الاخلاقية) او (الاسرية) او (الاجتماعية)، وهذه المصطلحات ستجعل كل مستخدمي شبكة المعلومات الدولية مهددا بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن مليوني دينار !
– المادة 22-ثانيا-أ: احتوت المادة على معلومات فضفاضة ايضا (فسق، فجور، افلام مخلة بالحياء او الاداب العامة او دعا او روج لها)، والانكى ان انها ستجعل شركات البرمجة التي انشأت المواقع او تستضيفها عرضة للعقوبة او الغرامة المالية التي لا تقل عن عشرة ملايين دينار!